أخر الاخبار

ماذا يعني ( الإيقاع ) في الأداء التمثيلي؟

ما هو الإيقاع Rhythm؟ و ماذا يعني ( الإيقاع ) في الأداء التمثيلي؟ يبدو أنه مفهوم ملغز إلي حد ما. ولكن يمكن القول أنه بشكل عام ، عبارة عن وحدات متكررة ، أما بشكل متشابه او متنوع ومختلف ، وهو يرتبط ولاشك بالادراك السمعي او البصري. فهناك إيقاع سمعي يعد تشكيلا في الزمن ، وايقاع بصري يعد تشكيلا في المكان او الفراغ.

وبهذا المعني يوجد الإيقاع في كل ما هو حولنا في الحياة ، بداية من أول إيقاع نسمعه ونحن في الأرحام ، وهو دقات قلب الأم ، الي دقات قلوبنا نحن فيما بعد ، وكذلك إيقاع توزيع الأثاث في منازلنا ، علي سبيل المثال. كذلك يوجد الإيقاع في كل منا ، صوتيا وحركيا ، معبرا عن شخصياتنا ، وهو ما يميز كل منا عن الآخرين ويجعلنا مختلفين كبصمات الأصابع.

ماذا يعني ( الإيقاع ) في الأداء التمثيلي؟

الإيقاع في الحياة عشوائي

فحين تتكرر الوحدات الصوتية او المرئية حولنا ( كدقات ساعة الحائط مثلا ) ينصرف المخ عن ترجمة ما تعني توفيرا للطاقة فهي لا تحمل جديدا. وبالتالي تصبح غير مسموعة ، كذلك تنصرف العين عن تتبع الوحدات المرئية المتشابهة. وحين تختلف هذه الوحدات وتتنوع بشكل او آخر ، ينتبه الذهن محاولا تفسير معناها . وهنا يصبح الإيقاع جيدا لأنه يحقق الهدف منه ، وهو ما يجعل الذهن في حالة يقظة دائمة.

ولكن لابد أن نلاحظ أن الاختلاف والتنوع في هذه الوحدات ، سواء سمعية او بصرية ، ليس مجرد أي اختلاف ، فالمخ لا يدرك الوحدات الجديدة فقط . وإنما يقارن بينها وبين ما سبقها من حيث علاقتهما معا ، ومدي التوافق والانسجام بينهما ، فقد يكون الاختلاف حاد ومنفر.

ولا يمكن قبوله. في الفن بشكل عام ، يصبح الإيقاع الجيد ، متنوع الوحدات ، لازما وضروريا ، فهو عماد العمل الفني لجذب الانتباه والاحتفاظ بذهن المتلقي يقظا. كما يتضح في الموسيقي مثلا ، وفي الفن التشكيلي ، هذا بالإضافة إلي قيمته الجمالية.


الإيقاع في الأداء التمثيلي

في الأداء التمثيلي هناك إيقاع مسموع ، يتمثل في الأداء الصوتي لجمل الحوار ، وكذلك إيقاع مرئي يتمثل في حركة الشخصية أو ما يعرف بالميزانسين. وبالطبع لابد أن يكون هذا الإيقاع، هو إيقاع الشخصية الدرامية ، لا إيقاع الممثل نفسه. وتعد قدرة الممثل علي تجسيد إيقاع الشخصية الدرامية صوتيا وحركيا. من أهم عوامل تمكنه كممثل ، وهو أمر يتطلب بالضرورة تخلي الممثل عن إيقاعه الشخصي ، وهو ما لا نجده عند بعض نجومنا الكبار.

حيث تصبح جميع الشخصيات الدرامية التي يؤديها ذات إيقاع، صوتي وحركي واحد ، هو إيقاع الممثل نفسه. ويعبر إيقاع الشخصية ، سواء كان مرئيا أو مسموعا ، عن طبيعة الشخصية من حيث الحالة والطبقة الاجتماعية ، والسمات النفسية.

وكذلك الحالة الشعورية في اللحظات المختلفة ، وايضا حالتها الجسمية ( كالمرض او التعب والإجهاد مثلا ) وهو ما يمكن اعتباره إيقاعا داخليا لها ، وقد تحدث استانسلافسكي عن هذا الشكل من الإيقاع ، وفي الغالب يتوافق الإيقاع الخارجي مع الإيقاع الداخلي ، ونادرا ما يختلفا وربما يتناقضا ، كما في حالة كتم الغضب او التوتر مثلا.


الإيقاع الصوتي للممثل بأختلاف الوحدات الصوتية

يحدث التنوع والاختلاف في الإيقاع الصوتي للممثل بأختلاف الوحدات الصوتية ، ارتفاعا او انخفاضا ، ما بين الصراخ والهمس المسموع. وكذلك بأختلاف زخم الصوت المعبر عن الانفعالات المختلفة ، وهو ما يعرف بالتلوين الصوتي. ويختلف إيقاع الأداء التمثيلي كذلك بأختلاف الوسيط وبالتالي اختلاف وضعية المتلقي.

فالايقاع بشكل عام في المسرح والسينما يختلف عنه في الدراما التليفزيونية ، ففي هذه الأخيرة يكون المتلقي مشتت الذهن إلي حد ما ، فلديه الكثير مما يضطر ان يفعله أثناء المشاهدة. علي خلاف مشاهد المسرح والسينما ، حيث المكان المظلم ، والمشاهد المنتبه تماما لما يشاهد.

وهو ما يتضح في طبيعة وشكل الكتابة الدرامية لكل منهم ، وهو ما ينعكس بالتالي علي إيقاع الممثل. كذلك يختلف إيقاع الأداء في السينما والتليفزيون عنه في المسرح ، ففي هذا الأخير يتحكم الممثل تماما في إيقاع الأداء التمثيلي. علي حين تتدخل عوامل اخري ، كايقاع حركة الكاميرا والمونتاج ، في تحديد الشكل النهائي لهذا الإيقاع في كل من السينما والتليفزيون.

لاشك أن إيقاع الأداء التمثيلي يتأثر بعوامل اخري منها مثلا إيقاع الممثل الآخر ، ووجود الموسيقي المصاحبة في العرض المسرحي ، مثلا وغير ذلك. وأخيرا نذكر كيف أنه في حالة الكوميديا ، يصبح الإيقاع الرتيب وتكرار نفس الوحدات سواء المسموعة او المرئية ، مثيرا للضحك أحيانا ، وهو بالطبع مثير للضحك لأنه يتسم بالآلية.

ملاحظة : يتضح مما سبق خطأ المفهوم الشائع وسط بعض المسرحيين في مصر من أن الإيقاع يعني السرعة.

بقلم الأستاذ الدكتور / محمد عبد الهادى

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-