ما هي تحديد الموهبة الخاصه بـ - الممثل ، وكيف يمكن التعرف عليها او بمعني ادق قياسها ؟ دعونا نتفق أولا علي أن الكثير من علماء نفس الابداع يستبعد كلمة ( الموهبة ). لأنها ذات إيحاءات مضللة وبدلا منها يستخدم مصطلح ( استعداد فطري او جيني خاص ) او ( حساسية ما تدفع الإنسان في اتجاه محدد ). وهو يولد بها ، وتختلف في المدي والكيفية من إنسان إلي آخر.

الاستعداد الفطري الخاص بالممثل
هذا الاستعداد الفطري الخاص بالممثل والذي لايمكن اكتسابه لا بالتدريب ولا باي وسيلة اخري. هو بشكل محدد ( قدرة المركز الانفعالي في المخ البشري او ( الاومجدالا ). علي الاستجابة الشعورية لما هو خيالي او غير حقيقي ) فالممثل حقا كما يقال ( يخاف من خياله !! ) هذا الاستعداد الفطري لدي الممثل هو ما يلح عليه للاهتمام بمجال التمثيل ومحاولة التعرف عليه والاقتراب منه. وهذا بالطبع ينطبق علي اي شخص لديه استعداد فطري خاص في أي مجال آخر. سواء كان موسيقي او راقص او فنان تشكيلي او حتي لاعب كرة قدم. وهناك عدة مقاييس نفسية يمكن عن طريقها قياس مدي وجود هذا الإستعداد الخاص بالتمثيل بشكل علمي ودقيق . وفيما يلي محاولة لشرح أحد هذه المقاييس. هو ما يحتاج منا إلي القراءة بدقة وبتركيز شديد حتي يمكن فهمه. قام عالم النفس الروسي ( نتادازي ) باولي المحاولات لتصميم مقياس نفسي لقياس مدي الاستعداد للتمثيل وجودا وعدما ، وقد أثار اهتمامه بداية. قدرة الممثل علي تكييف نفسه شعوريا وحسيا للموقف المتخيل ، وهو ما عرف بالقدرة علي ( الاندماج ) ، فالممثل يستطيع ان يندمج في آداء دوره. ويدمج في آدائه سمات وخبرات شعورية ليست من طبيعته ، ولكنها من طبيعة الشخصية التي يقوم بتمثيلها .
القدرة ترتبط بقدرة اخري
افترض نتادازي ان هذه القدرة ترتبط بقدرة اخري وهي القدرة علي تكوين ( إطار عقلي ) مناسب للموقف المتخيل الذي يفترضه الدور. أي القدرة علي تكوين تيار من التفكير ذي تأثير شعوري وحسي مماثل لشعور وحس الشخصية التي عليه تمثيلها. وعندما يتحول هذا الإطار إلي إطار ثابت وموجه. يصبح شرطا ضروريا لمطابقة الآداء للشخصية. هل يمكن استثارة وقياس هذه القدرة ( أي تكوين إطار عقلي مؤثر وموجه وذي نبرة شعورية وحسية ) علي اساس موقف متخيل. وفي شروط يعلم الشخص تماما أنها غير حقيقية ؟
وفيما يلي عرض للتجربة : اختار نتادازي مجموعتين مختلفتين ليطبق عليهما تجربته مجموعة تجريبية ، ومجموعة ضابطة : تكونت المجموعة التجريبية من أربعين ممثلا من مستويات مختلفة : عشرة ممثلين محترفين من الطبقة الأولي ، سبعة ممثلين جدد ، شهد لهم بالكفاءة والنجاح ، عشرة من الطلاب المتفوقين من معهد المسرح. ثمانية من الطلاب متوسطي المستوي واربعة من المتخلفين من نفس المعهد ، ممثل كوميدي واحد مشهور اشتهر بآداء نمط واحد من التمثيل الكوميدي . وتكونت المجموعة الضابطة من واحد وعشرين شخصا ليس لهم علاقة بالتمثيل ، ومن المفترض أن طبيعة عملهم لا تتطلب القدرة علي تكوين هذا الإطار.
خطوات التجربة
- يطلب من الشخص أكثر من مرة ، ان يبدأ في التخيل بأن احدي الكرتين أثقل من الاخري.
- كرر نتادازي هذه المحاولة حتي بلغت خمسة عشرة مرة لكل شخص ، وذلك بإستخدام أزواج مختلفة من الكرات ، المتساوية في الوزن والمختلفة في الحجم ، وذلك لتدعيم الخبرة السابقة بأن هناك دائما كرة أثقل من الاخري.
- تغمض بعد ذلك عينا الشخص ، ويطلب منه نتادازي المقارنة بين أوزان متساوية من الكرات توضع في يديه بنفس الطريقة السابقة.
- إذا قرر الشخص ان احدي الكرتين أثقل من الاخري ، فإن هذا يعني أنه نجح في تكوين إطار عقلي مؤثر وموجه ، أما إذا قرر الشخص ان الكرتين متساويتين في الوزن ، فإن هذا يعني أن الإطار العقلي الذي سبق إثارته لم يتطور بحيث يصبح مؤثرا او موجها للخبرة الحسية.
نتائج التجربة دون الدخول في التفاصيل فهي كثيرة
نجح في المجموعة التجريبية ، عدد واحد وثلاثين من أربعين في تكوين الإطار العقلي بنسبة مئوية ٧٨ %. وبتتبع حالة التسعة الذين فشلوا في تكوين الإطار وجد أن خمسة منهم اكتسبوا نجاحهم في تمثيل الأدوار الكوميدية. وهو ما يوحي بأن الكوميديا تتطلب نوعا مختلفا من التمثيل لا يتطلب خاصية الاندماج. وإنما عرض لموقف نقدي من الشخصية ، اما الباقي فكانوا الطلبة المتخلفين والذين سبق نصحهم بترك المعهد. أما المجموعة الضابطة فكانت النسبة المئوية بها اقل من ذلك بكثير. كرر نتادازي هذه التجربة. كما صمم عددا اخر من التجارب ، ووضع أساليب مختلفة لقياس القدرة علي تكوين هذا الإطار العقلي. الذي يبدو أنه هو الأساس فيما يسمي ( موهبة ) الممثل. تطبق بعض مقاييس نتادازي في اختبارات القبول في بعض معاهد واستوديوهات التمثيل في بعض دول العالم.
بقلم الأستاذ الدكتور / محمد عبد الهادي