أخر الاخبار

الفرق بين الانفعال في الحياة و التمثيل

تحدث الدكتور محمد عبد الهادى. فى موضوع الفرق بين الانفعال في الحياة و التمثيل. الانفعالات الإنسانية في الحقيقة ، موضوع معقد ومتداخل ، وتناوله ليس سهلا ، وهو يعد أحد الأبحاث الأساسية في علم النفس العام. وسأحاول فيما يلي عرضه بصورة مختصرة ، أرجو أن تكون غير مخلة قدر الإمكان.

الفرق بين الانفعال في الحياة و التمثيل

محاولة تحديد : ما هو الانفعال وما هي وظيفته

ثم أخيرا كيف يحدث او ما هو المسبب له. ما هو الانفعال : لم يتفق علماء النفس علي تعريف محدد للانفعال. فنحن نشعر به فقط ويصعب علينا تعريفه او تحديده ، فماذا يعني تحديدا ان نحب او نغضب او نشعر بالقلق مثلا. ولكن يمكن محاولة تحديد ماذا يعني الانفعال عن طريق رصد العناصر التي تميزه ، أو ما يعرف بالتعريف بالاوجه وهي.الشعور الذاتي به او بوجود الانفعال نفسه وهو عنصر يخضع للتأمل الباطني.

وظيفة الانفعال للانفعال دور وظيفي هام ، فهو كما يري علماء النفس يعد دافع ثانوي للفعل ، ومن هنا جاءت هذه المعادلة الشهيرة : أدراك - شعور - فعل ، أي أن أدراكنا لمثير ( خارجي او داخلي ) يؤدي إلي الانفعال الذي يؤدي بدوره إلي الفعل. فنحن في الحقيقة ننفعل لكي نفعل ( رأيت أسداً فشعرت بالخوف فهربت من المكان ) ومن ناحية أخري يؤدي الانفعال وظيفة تتعلق بالتواصل الإجتماعي. فنحن نتواصل اجتماعيا عن طريق قراءة تعبيرات اوجه الآخرين وحركات أجسامهم ، لمعرفة ما يشعرون به ، وهو ما يختلف من شخص لآخر.

كيف يحدث الانفعال وما هو المسبب له؟ أثبتت الدراسات الحديثة أن المسبب لانفعالاتنا هو المركز الانفعالي في المخ وهو مايعرف بالنتوء اللوزي او ( الاميجدالا ). فنحن ننفعل في الحقيقة بمخنا وليس بقلوبنا كما هو شائع ، فهذا المركز هو المسئول عن إصدار الأمر بالانفعال المناسب للمثير ، فتتحقق جميع عناصره السابقة.

الفروق بين الانفعال في الحياة وفي التمثيل من الواضح أن الانفعال في الحياة هو رد فعل لإدراك مثير حقيقي ، سواء كان داخليا او خارجيا ، علي حين أن الانفعال في التمثيل هو رد فعل لإدراك غير حقيقي لمثير وهمي ، سواء كان داخليا او خارجيا. وهي تختلف من شخص لآخر في وضوحها وقدرتها علي التعبير عن الانفعال نفسه. ( بعض الأشخاص لديهم القدرة علي إخفاء مشاعرهم بحكم طبيعتهم او مهنتهم مثل العاملين في السلك الدبلوماسي ورجال المخابرات ).

كما أنها قابلة دائما للتصحيح او للاستدراك. اما في التمثيل فلا يلزم دائما وجود هذا الارتباط ، فلا يلزم وجود الانفعال نفسه بل يمكن ( تبعا لمدرسة الحرفية او المدرسة البرانية ). الاكتفاء بتقديم صورة خارجية متقنة لهذا الانفعال بواسطة تعبيرات الوجه وحركة ووضع الجسم. دون الحاجة لوجود الانفعال نفسه ، كما أنها غير قابلة للتصحيح او الاستدراك. وعلي ذلك تصبح الصورة الخارجية للانفعال في التمثيل أهم عناصره ، بل واهم من الانفعال نفسه ، فما قيمة هذا الأخير إذا لم يصل إلي المتلقي . وهو ما يختلف بالقطع عن الحياة ، حيث لا يوجد متلقي ، فنحن حقا لا نهتم كثيرا بكيف نبدو حين ننفعل وهل يعبر حقا عما يعتمل في داخلنا أم لا.

وأخيرا تصبح المعادلة السابقة في التمثيل علي النحو التالي إدراك وهمي لمثير غير حقيقي - يؤدي إلي شعور حقيقي او صورة خارجية متقنة له - يؤدي إلي فعل معد مسبقا ومحدد بنسق جمالي. كانت هذه معظم الفروق بين الانفعال في الحياة ، والانفعال في التمثيل ، ومن الواضح أنهما مختلفان تماما ، ولذا تسقط دعوي الطبيعية الخالصة.

بقلم الأستاذ الدكتور / محمد عبد الهادي

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-