تعد النجومية ، في اي مجال من المجالات ، خاصة في مجال الفن ، ظاهرة معقدة إلي حد كبير ، وتتدخل عوامل كثيرة في وجودها ، أو عدم وجودها ، والأهم في استمرارها.
أذاً ما هو تفسير ظاهرة محمد رمضان؟ وإلي أي مدي ستستمر هذه الظاهرة؟
منها ما هو فني ، ومنها ما جغرافي خاص بمنطقة محددة ، ومنها ما هو تاريخي خاص بفترة زمنية محددة.
ومنها ما هو اجتماعي او بمعني ادق سيكولوجي اجتماعي خاص بالتكوين النفس لشعب من الشعوب ، واخيرا منها ما هو اقتصادي او تجاري.
مجموعة من الأفكار العامة
ولصعوبة تناول هذا الموضوع بشكل مفصل في هذا الحيز الضيق ، تفسيرا وتحليلا لظاهرة محمد رمضان ، سوف أكتفي هنا بعرض مجموعة من الأفكار العامة.
والتي تمثل وجهة نظري الخاصة ليس أكثر. يعد محمد رمضان ، بلا شك.
أحد النجوم البارزين في مصر والمنطقة العربية في الفترة الحالية ، شاء من شاء وأبي من أبي. والمقصود بالنجم هنا ، أنه البطل الأول للعمل الدرامي.
وخاصة السينمائي تحديدا ، والذي يستطيع الإستمرار كبطل لسنوات عديدة ، هو من يذهب إليه الجمهور.
لا من يذهب هو إلي الجمهور ، فهو المطلوب وليس المعروض. وهو ما ينطبق علي محمد رمضان.
ولكن لماذا أصبح محمد رمضان ظاهرة نجمية ؟
لاشك أن ذلك يعود إلي كم الجدل والاختلاف حول أعماله الدرامية وما تحتويه من مضمون ، وكذلك أغانيه وشكل عرضها ومضمونها.
واخيرا سلوكه الشخصي ، ولا أدل علي ذلك من اختلاف وحتي تناقض محاولات الإجابة علي السؤال موضوع هذا البوست.
إن الجمهور هو من يجعل النجم نجما ، فهو ببساطة من يعامله كنجم ، وهذه المعاملة تنعكس بالطبع علي ايرادات شباك التذاكر.
وبالتالي يمكن القول ان الجمهور هو احد العوامل التي صنعت النجم محمد رمضان ، خاصة وأن مواصفاته الشكلية تتوافق وشريحة عريضة من المجتمع المصري.
وهي شريحة الشباب من الطبقة الوسطي والدنيا. يرتبط النجم بالجغرافيا ، أي بأقليم محدد ، فلكل إقليم نجومه ، ذلك وباستثناء بعض النجوم التي استطاعت تجاوز حدودها لتصبح نجوما عالمية.
وهو غير وارد فيما يخص محمد رمضان ، فهو نجم إقليمي ولاشك في ذلك.
يرتبط النجم كذلك بالتاريخ ، أي بفترة زمنية محددة ، فلكل مرحلة تاريخية مواصفات شكلية وشخصية مختلفة لنجومها ،
وكذلك موضوعات درامية مختلفة تفرض صور مختلفة لمواصفات البطل ( كان كل من أنور وجدي ثم عماد حمدي ثم حسين فهمي واحمد زكي وغيرهم ، نجوما في فترات تاريخية مختلفة ).
النجم تصنعة صدفة وجوده في المكان والزمان المناسبين
النجم إذن يعد إفراز اجتماعي او حاجة اجتماعية لمجموعة من البشر يعيشون معا في مكان ما وزمان ما.
ولأننا نعيش الآن فترة تاريخية خاصة ، هي فترة ما بعد الثورات ، وهي فترة تتسم عامة باضطراب واختلاط وتدهور المعايير الفنية والإجتماعية.
جاء محمد رمضان إفرازا وتعبيرا عن هذه الفترة. يقال ان الصدفة بمعناها الدقيق هي أن توجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.
وبالتالي نستطيع القول بأن النجم تصنعة صدفة وجوده في المكان والزمان المناسبين ، وبالتالي لا يمكن تخيل محمد رمضان نجما في فترة الستينات او في غيرها مثلا.
تعد الموهبة عامل لابد منه لأي نجم ، وهي لاشك هبة من الخالق ، ولكنها وحدها لا تكفي لاستمراره.
فلابد من الذكاء وخاصة الذكاء العاطفي الذي يستشرف حاجة الجمهور وتغير اهتماماته ، وكذلك المرونة وعدم التصلب والقابلية للتغيير وتصحيح الاتجاه والاستفادة من الخبرات السابقة.
ولدي بعض الشك في تمتع محمد رمضان بكل هذه القدرات. ترتبط النجومية عامة بما يعرف بالكاريزما او الحضور ، وهي عامل غامض يصعب تحديد ماذا تعني بالضبط.
وهي في أبسط تصور لها ، شكل من أشكال التنويم المغناطيسي ، ومن الواضح أن تأثيرها يمكن أن يوجد بتحقق النجم واستمراره.
وهو ما حدث مع محمد رمضان. تتحقق النجومية بالتسويق الجيد ، ويفهم منه عادة تسويق النجم لنفسه لدي المنتجين والمخرجين.
ولكن يبدو أن الأهم هو تسويق النجم لنفسه لدي الجمهور ، وذلك بخلق تصور ذهني عنه يتسم بالتشويق والغموض والإثارة ومثير للجدل.
وهو ما يفعله محمد رمضان بالضبط ، سواء بوعي او بدون وعي ، وخاصة تصديره لصورته كأنسان صعد السلم الاجتماعي من اسفل لأعلي.
وهو نموذج قديم في الأدب الشعبي وفي الدراما بشكل عام.
وذو جاذبية شديدة لدي الشباب ( الشاطر حسن علي سبيل المثال ) وكذلك ما يرتديه من ملابس غريبة ، صادمة للذوق الشرقي ، ومعبرة عن روح التمرد لدي الشباب.
هل النجم مشروعا للإستثمار؟
نعم يعد النجم مشروعا للإستثمار من قبل المنتجين ، ولذلك هو معرض دائما للاستغلال والاستنزاف حتي ينتهي ويمتص لآخر قطرة.
إن وعي النجم بذلك شرط ضروري لاستمراره لفترة طويلة ، ويبدو أن رمضان لا يمتلك هذا الوعي. يقال أن الوصول للقمة اسهل كثيرا من الاحتفاظ بها.
وهو قول صادق بالفعل ، ولذا يعد الإجتهاد والعمل الدؤوب علي تطوير المهارات والقدرات ، عوامل ضرورية لاستمرار النجم.
ويبدو أن محمد رمضان قد أصابه شئ من الغرور ، وهو معوق ولاشك لأي رغبة في التطور ، فالمغرور مكتفي بما هو عليه.
وأخيرا يمكن القول بأنه علي قدر الشعوب ، وقدر رقي معاييرها الفنية ، تأتي النجوم ، إلا أن هذا لا ينفي المسئولية الاجتماعية للنجم.
فهو اولا واخيرا يمثل قدوة ، خاصة للشباب ، أي عليه أن يقود لا ان يقاد.
وذلك بما يقدمه من قيم عامة ، وهو دون شك ما يفتقده بشدة النجم الحالي حتي إشعار آخر : محمد رمضان.
بقلم الأستاذ الدكتور / محمد عبد الهادى